بعض الناس قد ينشر العلم ويعلم الناس وينفع الناس ثم لا ينتفع به لنفسه . فهذا لن ينتفع به في غيره لأنه لن يكون مخلصا . كذلك قد ترزق البصيرة ، ولكن الأهم ماذا ترى بها . التبصر غاية في حد ذاته . لذلك ذهب ابن القيم في شرح مراتب البصيرة بحيث تنتفع بها . فالبصيرة نور يقذفه الله في القلب فيرى به حقيقة ما جاءت به الرسل كأنه رأي عين فيتحقق انتفاعه بما دعت اليه الرسل وتضرره بمخالفتها . فينفتح في قلبه شاهد من شواهد الآخرة ويعرف ان هذه الدنيا ليست لها قيمة ولا قدر ، ويرى سرعة انقضائها والاخرة ودوامها . ومن حسن تدبر القران أن تقرأه بيقين ، أن ترى الآية وتشعر بها كأنها تحدث أمامك . ومراتبها البصيرة في الاسماء والصفات ، ثم الوعد والوعيد ، ثم الامر والنهي. والكلام عن اسماء الله وصفاته خطر لأنه يجب فهمها على مراد الله ونكف عن التكييف. ومراد الله من كثرة ذكر صفات الله في القرءان وفي السنة ان يجعل لقلبك صمدا يصمد اليه . ان تحس بوجود الله المحيط السميع العليم البصير . ولا يتأثر ايمانك بشبهة تعارض الوحي ، فالله محيط بلا تكييف ولا تسأل عن الكيف ، فإنه بدعة ولا تدركه الافهام . فتثبت الصفة ايمانا بقدرة الله وتصديقا له وتنزه الله عن التكيبف والتشبية والتأوييل والتعطيل . ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . وعقد هذا ان يشهد قلبك الرب مستويا على عرشه متكلما بأمره ونهيه . حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره ، الممالك بيده ، وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين . وتفاوت الناس في هذه البصيرة بحسب تفاوتهم في النصوص النبوية على قدر العلم والعمل . واضعف الناس بصيرة اهل الكلام ، اي الفلاسفة ، أو قل من يتكلم كثيرا . استلهموا البصيرة وانتفعوا بها . والله معكم ولن يتركم اعمالكم .
استماع | |
عدد مرات التحميل | 5183 |
تحميل فيديو | اضغط هنا لتحميل ملف الفيديو - 172 ميجا بايت |
تحميل الصوت | اضغط هنا لتحميل ملف الصوتي - 15 ميجا بايت |
مواد ذات صلة